خطبه بدون الف امام علی علیه السلام
پنجشنبه, ۱۷ مهر ۱۳۹۳، ۱۲:۰۶ ب.ظ
حمدت من عظمت منته ، وسبغت نعمته ، وسبقت غضبه رحمته ، وتمت كلمته ،
ونستعينه ونسترشده ونستهديه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، وشهدت له شهود مخلص موقن ، وفردته تفريد مؤمن متيقن ، ووحدته توحيد عبد مذعن ، ليس له شريك في ملكه ، ولم يكن له ولي في صنعه ، جل عن مشير ووزير ، وعن عون معين ونصير ونظير .
علم فستر ، وبطن فخبر ، وملك فقهر ، وعصي فغفر ، وحكم فعدل ، لم يزل ولن يزول ، ' ليس كمثله شيء ' ، وهو بعد كل شيء رب متعزز بعزته ، متمكن بقوته ، متقدس بعلوه ، متكبر بسموه ، ليس يدركه بصر ، ولم يحط به نظر ، قوي منيع ، بصير سميع ، رؤوف رحيم .
عجز عن وصفه من يصفه ، وضل عن نعته من يعرفه .
قرب فبعد ، وبعد فقرب ، يجيب دعوة من يدعوه ، ويرزقة ويحبوه ، ذو لطف خفي ، وبطش قوي ، ورحمة موسعة ، وعقوبة موجعة ، رحمته جنة عريضة مونقة ، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة . وشهدت ببعث محمد رسوله ، وعبده وصفيه ، ونبيه ونجيه ، وحبيبه وخليله ، بعثه في خير عصر ، وحين فترة وكفر ، رحمةً لعبيده ، ومنةً لمزيده ، ختم به نبوته ، وشيد به حجته ، فوعظ ونصح ، وبلغ وكدح ، رؤوف بكل مؤمن ، رحيم سخي ، رضي ولي زكي ، عليه رحمة وتسليم ، وبركة وتكريم ، من رب غفور رحيم ، قريب مجيب . وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم ، وذكرتكم بسنة نبيكم ، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ، وخشية تذري دموعكم ، وتقية تنجيكم قبل يوم تبليكم وتذهلكم ، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته ، وخف وزن سيئته ، ولتكن مسألتكم وتملقكم مسألة ذل وخضوع ، وشكر وخشوع ، بتوبة وتورع ، وندم ورجوع ، وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه ، وشبيبته قبل هرمه ، وسعته قبل فقره ، وفرغته قبل شغله ، وحضره قبل سفره ، قبل تكبر وتهرم وتسقم ، يمله طبيبه ، ويعرض عنه حبيبه وينقطع غمده ، ويتغير عقله ، ثم قيل : هو موعود ، وجسمه منهوك ، ثم جد في نزع شديد ، وحضره كل قريب وبعيد ، فشخص بصره ، وطمح نظره ، ورشح جبينه ، وعطف عرينه ، وسكن حنينه ، وحزنته نفسه ، وبكته عرسه ، وحفر رمسه ، ويتم منه ولده ، وتفرق منه عدده ، وقسم جمعه ، وذهب بصره وسمعه ، ومدد وجرد ، وعري وغسل ، ونشف وسجي ، وبسط له وهيئ ، ونشر عليه كفنه ، وشد منه ذقنه ، وقمص وعمم ، وودع وسلم ، وحمل فوق سرير ، وصلي عليه بتكبير ، ونقل من دور مزخرفة ، وقصور مشيدة ، وحجر منجدة ، وجعل في ضريح ملحود وضيق مرصود ، بلبن منضود ، مسقف بجلمود ، وهيل عليه حفره ، وحثي عليه مدره ، وتحقق حذره ، ونسي
--------------- صفحة رقم 65 -------------- خبره ، ورجع عنه وليه
وصفيه ، ونديمه ونسيبه ، وتبدل به قرينه وحبيبه ، فهو حشو قبر ، ورهين قفر ، يسعى
بجسمه دود قبره ، ويسيل صديده من منخره ، يسحق تربه لحمه ، وينشف دمه ، ويرم عظمه
حتى يوم حشره ، فنشر من قبره حين ينفخ في صور ، ويدعى بحشر ونشور .
فثم بعثرت قبور ، وحصلت سريرة صدور ، وجيء بكل نبي وصديق وشهيد
، وتوحد للفصل قدير بعبده خبير بصير ، فكم من زفرة تضنيه ، وحسرة تنضيه ، في موقف
مهول ، ومشهد جليل ، بين يدي ملك عظيم ، وبكل صغير وكبير عليم ، فحينئذ يلجمه عرقه
، ويحصره قلقه ، عبرته غير مرحومة ، وصرخته غير مسموعة ، وحجته غير مقولة ، زالت
جريدته ، ونشرت صحيفته ، نظر في سوء عمله ، وشهدت عليه عينه بنظره ، ويده ببطشه ،
ورجله بخطوه ، وفرجه بلمسه ، وجلده بمسه ، فسلسل جيده ، وغلت يده ، وسيق فسحب وحده
، فورد جهنم بكرب وشدة ، فظل يعذب في جحيم ، ويسقى شربة من حميم ، تشوي وجهه ،
وتسلخ جلده ، وتضربه زبنية بمقمع من حديد ، ويعود جلده بعد نضجه كجلد جديد ، يستغيث
فتعرض عنه خزنة جهنم ، ويستصرخ فيلبث حقبةً يندم .
نعوذ برب قدير ، من شر كل مصير ، ونسأله عفو من رضي عنه ، ومغفرة من قبله ، فهو ولي مسألتي ، ومنجح طلبتي ، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه ، وخلد في قصور مشيدة ، وملك بحور عين وحفدة ، وطيف عليه بكئوس ، وأسكن في حظيرة قدوس ، وتقلب في نعيم ، وسقي من تسنيم ، وشرب من عين سلسبيل ، ومزج له بزنجبيل ، مختم بمسك وعبير ، مستديم للملك ، مستشعر للسرر ، يشرب من خمور ، في روض مغدق ، ليس يصدع من شربه ، وليس ينزف .
هذه منزلة من خشي ربه ، وحذر نفسه معصيته ، وتلك عقوبة من جحد مشيئته ، وسولت له نفسه معصيتة ، فهو قول فصل ، وحكم عدد وخبر قصص قص ، ووعظ نص ، ' تنزيل من حكيم حميد ' ، نزل به روح قدس مبين ، على قلب نبي مهتد رشيد ، صلت عليه رسل سفرة ، مكرمون بررة ، عذت برب عليم ، رحيم كريم ، من شر كل عدو لعين رجيم ، فليتضرع متضرعكم ، وليبتهل مبتهلكم ، وليستغفر كل مربوب منكم لي ولكم ، وحسبي ربي وحده .
شرح نهج البلاغة ، اسم المؤلف: أبو حامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد المدائني الوفاة: 655 هـ ، دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1418هـ - 1998م ، الطبعة : الأولى ، تحقيق : محمد عبد الكريم النمري، ج 19 ص 243
--------------- صفحة رقم 64 --------------
ونفذت مشيئته ، وبلغت قضيته ، حمدته حمد مقر بربوبيته ، متخضع لعبوديته ، متنصل من خطيئته ، متفرد بتوحيده ، مؤمل منه مغفرة تنجيه ، يوم يشغل عن فصيلته وبنيه . ونستعينه ونسترشده ونستهديه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، وشهدت له شهود مخلص موقن ، وفردته تفريد مؤمن متيقن ، ووحدته توحيد عبد مذعن ، ليس له شريك في ملكه ، ولم يكن له ولي في صنعه ، جل عن مشير ووزير ، وعن عون معين ونصير ونظير .
علم فستر ، وبطن فخبر ، وملك فقهر ، وعصي فغفر ، وحكم فعدل ، لم يزل ولن يزول ، ' ليس كمثله شيء ' ، وهو بعد كل شيء رب متعزز بعزته ، متمكن بقوته ، متقدس بعلوه ، متكبر بسموه ، ليس يدركه بصر ، ولم يحط به نظر ، قوي منيع ، بصير سميع ، رؤوف رحيم .
عجز عن وصفه من يصفه ، وضل عن نعته من يعرفه .
قرب فبعد ، وبعد فقرب ، يجيب دعوة من يدعوه ، ويرزقة ويحبوه ، ذو لطف خفي ، وبطش قوي ، ورحمة موسعة ، وعقوبة موجعة ، رحمته جنة عريضة مونقة ، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة . وشهدت ببعث محمد رسوله ، وعبده وصفيه ، ونبيه ونجيه ، وحبيبه وخليله ، بعثه في خير عصر ، وحين فترة وكفر ، رحمةً لعبيده ، ومنةً لمزيده ، ختم به نبوته ، وشيد به حجته ، فوعظ ونصح ، وبلغ وكدح ، رؤوف بكل مؤمن ، رحيم سخي ، رضي ولي زكي ، عليه رحمة وتسليم ، وبركة وتكريم ، من رب غفور رحيم ، قريب مجيب . وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم ، وذكرتكم بسنة نبيكم ، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ، وخشية تذري دموعكم ، وتقية تنجيكم قبل يوم تبليكم وتذهلكم ، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته ، وخف وزن سيئته ، ولتكن مسألتكم وتملقكم مسألة ذل وخضوع ، وشكر وخشوع ، بتوبة وتورع ، وندم ورجوع ، وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه ، وشبيبته قبل هرمه ، وسعته قبل فقره ، وفرغته قبل شغله ، وحضره قبل سفره ، قبل تكبر وتهرم وتسقم ، يمله طبيبه ، ويعرض عنه حبيبه وينقطع غمده ، ويتغير عقله ، ثم قيل : هو موعود ، وجسمه منهوك ، ثم جد في نزع شديد ، وحضره كل قريب وبعيد ، فشخص بصره ، وطمح نظره ، ورشح جبينه ، وعطف عرينه ، وسكن حنينه ، وحزنته نفسه ، وبكته عرسه ، وحفر رمسه ، ويتم منه ولده ، وتفرق منه عدده ، وقسم جمعه ، وذهب بصره وسمعه ، ومدد وجرد ، وعري وغسل ، ونشف وسجي ، وبسط له وهيئ ، ونشر عليه كفنه ، وشد منه ذقنه ، وقمص وعمم ، وودع وسلم ، وحمل فوق سرير ، وصلي عليه بتكبير ، ونقل من دور مزخرفة ، وقصور مشيدة ، وحجر منجدة ، وجعل في ضريح ملحود وضيق مرصود ، بلبن منضود ، مسقف بجلمود ، وهيل عليه حفره ، وحثي عليه مدره ، وتحقق حذره ، ونسي
نعوذ برب قدير ، من شر كل مصير ، ونسأله عفو من رضي عنه ، ومغفرة من قبله ، فهو ولي مسألتي ، ومنجح طلبتي ، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه ، وخلد في قصور مشيدة ، وملك بحور عين وحفدة ، وطيف عليه بكئوس ، وأسكن في حظيرة قدوس ، وتقلب في نعيم ، وسقي من تسنيم ، وشرب من عين سلسبيل ، ومزج له بزنجبيل ، مختم بمسك وعبير ، مستديم للملك ، مستشعر للسرر ، يشرب من خمور ، في روض مغدق ، ليس يصدع من شربه ، وليس ينزف .
هذه منزلة من خشي ربه ، وحذر نفسه معصيته ، وتلك عقوبة من جحد مشيئته ، وسولت له نفسه معصيتة ، فهو قول فصل ، وحكم عدد وخبر قصص قص ، ووعظ نص ، ' تنزيل من حكيم حميد ' ، نزل به روح قدس مبين ، على قلب نبي مهتد رشيد ، صلت عليه رسل سفرة ، مكرمون بررة ، عذت برب عليم ، رحيم كريم ، من شر كل عدو لعين رجيم ، فليتضرع متضرعكم ، وليبتهل مبتهلكم ، وليستغفر كل مربوب منكم لي ولكم ، وحسبي ربي وحده .
شرح نهج البلاغة ، اسم المؤلف: أبو حامد عز الدين بن هبة الله بن محمد بن محمد بن أبي الحديد المدائني الوفاة: 655 هـ ، دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1418هـ - 1998م ، الطبعة : الأولى ، تحقيق : محمد عبد الكريم النمري، ج 19 ص 243